وكم في الحجِ أسرارُ !

كل أضحى وأنتنّ بخيرٍ و"ضياء" ..





أكرمني الله الحج هذا العام ..
والحمدلله المنان الذي يسر الذهـاب وأداء المناسك جميعاً ثم العودة إلى الديار..
كنت قلقة .. وأخشى أن أقع في خطأ أو محظور أو نسيان .. أخشى الزحام ..
لكن الله سلم ، ويسر ..



كنت متفاجأة جداً .. رغم أني منذ الصغر أشاهد صور الحجاج والمشاعر ..
إلا أن الصورة ليست ذات دلالة وشعور كما الواقـــع ..
اختلاف الأجناس والأعراق واللغات .. والكل له نفس الغاية ..
الرضا و القبول..
دعوات ودمعات .. وطهــر..

أن تشعر بتمام النعمة وأن الله اصطفاك واختارك من بين أكثر من مليار لتكمل دينك..
فتلهج بحمدٍ وشكر..
تطوف سبعاً وتسعى مثلها.. وقلبك يرفرف في جنةٍ خضراء ..
ويطرق قلبك باب السمـــاء.. فتدعو بالخير لنفسك ، ولأحبة أوصوك وأمنوك الدعاء..
وأثناء هذا وذاك..
تنامى إلى سمعي تمتمات أمي .. بدعوات خصتني فيها ..
هنا .. بكيت.. وتواريت خجلاً خلفها ..

أمي .. يا جسراً يصعد بي نحو الجنة ..
يا نهراً يسقيني ويرويني .. ويرفق بي..
كيف أرد شيئاً من أفضالك وجمائلك!
رب ارحمهما كما ربياني صغيراً :""

ورغم كل هذا الجمال الذي سبق إلا أنه ..
ساءني .. منظر الافتراش رجالاً ونساءً ، صغاراً وكباراً في كل طريق ،
القــــــــــاذورات المنتشرة في كل مكان -أكرمكم الله- ..
الفوضى .. التدافع ..
وشيءٌ من عدم الرحمة ، عدم السكينة ، عدم العزة ...

يا الله .. رغم أن الدولة لم تأل جهداً في خدمة الحجيج .. إلا أن كثير من الحجاج -عفا الله عنهم- تنقصهم التوعيــة ..
ينقصهم مفهوم إن الإسلام ليس "عبادة" فحسب .. بل "سلوك حضاري" ..
بعد إفاضتنا من عرفة متجهين إلى مزدلفة ..
ذُهلت من المنظر .. الأرض لا ترى من الأكوام المتراكمة والمخلفات ..!!!
يا الله .. كيف نجمع بين عباد الله التوابين و المتطهرين!!
بين النظافة والإيمان !!

وسأرجم شيطان الأهواء
بكل دماء شراييني ..



أما المشاهد أثناء رمي الجمرات فلا تعد ولا تحصى ..
بناء جسر الجمرات خفف الزحمة كثيراً ...
كنت قريبة جداً جداً جداً من الحوض .. ورأيت أشياءً تقذف .. أحذية مثلاً ، حجارة كبيرة ، شتائم.. وماشابه ذلك !
الرمي .. اقتداء ..
شعور بالقوة .. شعور بالتوبة والأوبة .. دعوات بالقبول والثبات ..



الحج ..
وكم في الحج أسرار..
روحانية .. قرب .. ابتهالات.. لا رفث ولا فسوق ولا جدال..
السكينة ، السكينة..
وليشهدوا منافع لهم وليذكروا اسم الله ..



ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم..


ها أنا بعد العودة .. أراها أيام أقرب للحلم..
وأتمنى أن أعود ..

دلال*

14 / 12 / 1431 هـ